:السلام عليكم:
هذا الحديث زعم الناقد أنه درج في الناس وغفل المحدثون عنه، بينما هو أشهر في بيان وضعه من نار على عَلم. ولو فرضنا أن باحثاً وجد حديثاً ضعيفاً جاز على بعض المحدثين فهل يدل ذلك على فضل منهج النقد من أساسه؟ كلا! فإن القانون كثيراً ما يكون سليماً ثم تأتي الآفة من تصرف بعض العاملين به أو من ذهوله. فهذا لو تحقق إنما يكون سهواً من المحدث الذي جاز عليه الحديث، وأي علم في الدنيا لم يتعرض عالم من علمائه للنقد في بعض بحثه، ثم لم يكن ذلك مسقطاً لذلك العلم ولا لذلك العالم ولا لذلك العالم، إلا إذا كثر منه ذلك فانه تكون أخطاؤه محسوبة عليه تضعف الثقة به، ويبقى بنيان العلم شامخاً.
-5 إغفال الحقائق التي تخالف استنتاجاتهم وتبطلها. ومن ذلك أن جولد تسيهر حكم بالوضع على الرواية الصحيحة: " أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ابن حزم أن يدون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قال تسيهر: (( إن هذا الخبر بعينه فيه نظر، فلم يرو عن مالك إلا في رواية واحدة من روايات الموطأ هي رواية الشيباني، وقد تلقف هذا الخبر الواحد علماء الحديث المتأخرون فكان منطلقاً لهم، ورَوَّجوا له، وهذا الخبر ليس إلا تعبيراً عن الرأي الحسن السائد حول الخليفة الورع وحبه للسنة)) (1).
قال الأستاذ فواد سيزكين يتعقب ذلك (2):
(( ولكن لا يجوز لنا أن نبادر فنزعم أن هذا الخبر الذي ورد في الموطأ برواية الشيباني تلميذ مالك لا يعكس إلا حسن رأي المتأخرين [ في عمر ]، فليست كل روايات الموطأ بين أيدينا فنحكم بعدم ورود هذا الخبر إلا في رواية واحدة، وفوق هذا فجولد تسيهر يعلم أن هذا الخبر وارد كذلك في سنن الدرامي هذا وقد ذكره كل من ابن سعد والبخاري!!)) . اهـ.
على أنه لو سلم لتسيهر دعواه أن التفرد بالشيء يبطله فإنه يؤدي إلى بطلان أمور كثيرة أتى بها في كتبه وأبحاثه هي لباب مقاصده فيها، فهل يقبل أن ينسحب حكمه هذا عليه؟!.
__________________________
جولد تسيهر. GOLDZIHEL , MUP, STUD. 11, 211
في كتاب تاريخ التراث العربي:1 : 1: 226.
-6 يقول الأستاذ فؤاد سيزكين: "هذا ونرى لزاماً علينا أن ننه إلى أن جولد تسيهر لم يدرس كتب علم أصول الحديث دراسة شاملة رغم أنه عرف قسماً منها كان ما يزال مخطوطاً في ذلك الوقت. وفوق هذا فيبدو لنا أنه لم ينظر رغم كثرة مصادره إلى بعض المعلومات في سياقها وفي ضوء ظروفها، ويبدو لنا كذلك أنه لم يصب في فهم المواضع التي قد تعطي لأول وهلة دلالة تختلف عن معناه الحقيقي اختلافاً أساسياً(1).يتبع