:السلام عليكم:
-3 إن علماء الحديث وضعوا شرطاً لقبول الحديث تكفل نقله عبر الأجيال بأمانة وضبط، حتى يُؤدَّى كمت سُمِعَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أوضحنا من شروط الراوي التي توفر فيه غاية الصدق لما اجتمع فيه من الدوافع الدينية والاجتماعية والنفسية، مع الإدراك التام لتصرفاته وتحمل المسؤلية، كما أنها توفر فيه قوة الحفظ والضبط بصدره أو بكتابه أو بهما معاً مما يمكنه من استحضار الحديث وأدائه كما سمعه. وكما أوضحناه من شروط الصحيح والحسن التي تكفل ثقة الرواة ثم سلامة تناقل الحديث بين حلقات الإسناد وسلامته من القوادح الخفية. ثم بيناه من دقة تطبيق المحدثين لهذه الشروط في الحكم على الحديث بالضعف لمجرد فقد الدليل على صحته، من غير أن ينتظروا قيام دليل مضادً له.
-4 إن علماء الحديث لم يكتفوا بهذا، بل تنبهوا إلى عوامل في الرواية المكتوبة لم يتنبه إليها هؤلاء المتطفلون بالاقتراح عليهم، فقد اشترط المحدثون في الرواية المكتوبة شروط الحديث الصحيح، لذلك نجد على مخطوطات الحديث تسلسل سند الكتاب من راو إلى آخر حتى يبلغ مؤلفه، ونجد عليها اثبات السماعات وخط المؤلف أو الشيخ المسمع الذي يروي النسخة عن نسخة المؤلف أو عن فرعها..
فكان منهج المحدثين بذلك أقوى وأحكم، وأعظم حيطة من أي منهج في تمحيص الروايات، والمستندات المكتوبة.
-5 إن البحث عن الإسناد لم ينتظر مئتي سنة كما وقع في كلام الزاعم، بل فتش الصحابة عن الإسناد منذ العهد الأول حين وقعت الفتنة سنة 35 هجرية، لصيانة الحديث من الدس.
وقد ضرب المسلمون للعالم المثل الفريد في التفتيش عن الأسانيد، حيث رحلوا إلى شتى الآفاق بحثاً عنها، واختباراً لرواة الحديث، حتى اعتبرت الرحلة شرطاً أساسياً لتكوين المحدث. يتبع